• الرئيسية
  • تطبيقة المدونة في ال google sotre
  • تطبيقات الرئيس في google store
  • vendredi 28 décembre 2012

    كيفاش نكتب في حكايتي ؟؟ - 21 غرزة، أنف و ضلع مكسوران و ركبة مهشمة ...



    -   هاذي ثاني مرة يصيرلك تمدد في الأربطة المتقاطعة ... وقتاش باش ترتح بدنك ؟؟؟ على شنوة معمل ؟؟ "

    هكذا قال لي الدكتور بعد أن تأمل مليا في صور الأشعة ... لم أستطع إلا أن أبتسم له، و أنا ألبس حذائي، إبتسامة تخفي ألمي لكنها تجعله في نفس الوقت يطمئن بأني سأسهر على سلامة ركبتي ... أعطاني ورقة أو روشتة كتب فيها بعض المهدئات اللتي ستجعلني أتنقل دون أن أحس بالألم ... شكرته و خرجت من العيادة لا ألوي على شيء، كنت و لا أزال لا أحتمل رائحة العيادات و المستشفيات، لا أحس بالاطمئنان إلا عند خروجي من هذا الإطار الطبي ... أخرجت السماعات من المحفظة على ظهري و وضعتها على أذني، أردت أن أختار اغنية لم أسمعها منذ مدة لكن الاختيار العشوائي لقارئ الأغاني أرغمني ( و يا حبذا لو كان كل الإرغام هكذا ) على اغنية بعينها :

    خليتني أخاف ... لما أحس بخطوتك و أخذك بعيد ...

    توجهت إلى مقهاي المفضل، لم أنتظر كثيرا حتى أحضر النادل لي البخار فوق القهوة الساخنة، حركت السكر فيها ( بالرغم من أني أشربها بدونه عادة ) سهوا لكن واصلت التحريك حتى بعد أن تفطنت لذلك ... اتكأت بيدي اليمنى على ركبتي المصابة، إحتسيت من قدح القهوة رشفة بيدي الأخرى محاولا تذكر الشيء اللذي أوصلني إلى هنا : ركبة تحمل آثار عمليتين جراحيتين، أصابع ساقي مكسورة، أنف مكسور أيضا، ضلع مهشم دون ذكر الإصابات العرضية من جروح و غرز إلخ إلخ ... كل ذلك بدأ منذ أكثر من عشرين سنة :
    في أواخر الثمانينات ذهبت خالتي في مهمة في إطار نشاطها مع  "أطباء بلا حدود " إلى اليابان، بقيت قرابة الثلاثة أو أربعة أشهر ثم عادت حاملة بعض الهدايا التذكارية البسيطة لكل واحد من العائلة، كل هداياهم كانت جميلة ( حسب معاييري في ذلك الوقت)، فقد تراوحت بين حاملة المفاتيح الملونة لأبي و بين التحف الزاهية لأمي و بعض الحلويات لأختي  ... أما أنا فلم أتحصل إلا على قطعة قماش بيضاء اللون !!!
    أحسست بحقد تجاه خالتي لتفاهة هديتي و جهلي لماهيتها أصلا ... ما إن غادرت خالتي منزلنا حتى ركضت سائلا أمي 




    - " شنوا إلي جابتهولي خالتي ؟؟؟ إنتم لكل جبتلكم حاجة حاجة باهية و أنا جايبتلي كتانة ؟؟؟؟!!!"
    - " هذاكا يسموه "كيمونو" ... يلبسوه وقت لي يلعبو كراتي "
    - " معناها وقت لي يجو باش يضربو يلبسو هذا "
    فهزت أمي رأسها بالإيجاب ... لكني لم أكون من هواة العراك الممنهج على منوال الكراتي، كنت أحبذ الضرب عن بعد و بالحجر و كذلك سياسة " أضرب و أهرب " و ذلك لبنيتي الجسدية النحيلة اللتي لا تستطيع مقاومة حجم أندادي الضخم  ... لذلك لم أرد البتة أن أستعمل هذه القماشة البيضاء الغريبة رغم إصرار و إلحاح أبي أن يسجلني في نادي الكارتي بدار الشباب ... 

    خليك هنا خليك بلاش تفارق ... بتقول يومين و تغيب سنة ... بلاش تفارق ...

    كنت أدرس بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي عندما بدأت حكاية الكيمونو و الرياضات القتالية ... و كانت مدرستي تقبع وسط ما يعرف ب "حومة الجليدات" في مدنين، لذلك كان لا بد لي من خوض عراك حامي الوطيس كل يوم بعد الدروس و ذلك لكي لا أكون لقمة سائغة لدى ما يعرف ب " باندية الحومة " ... و لضعف بنيتي و قصر قامتي النسبي مقارنة بأقراني تتالت الهزائم النكراء رغم استبسالي في الدفاع عن نفسي ...ولم تكن هاته الهزائم هي الشيء اللذي يحز في نفسي وقتها ... إنما " الطرايح " اللتي كانت تنتظرني في المنزل عندما يرد خبر عراكي على أبي ... مللت هذا الوضع، و ذات ليلة، و بعد تفكير و تمحيص توجهت إلى الصالون أين كان والدي يشاهد نشرة الأخبار على شاشة التلفاز في قناة " إ.ت.ت " ( لم أكن أعرف أنها القناة الوطنية ) و قلت له 
    - " بابا ... نحب ندخل نترينا ... "
    - " موش قلت ما عينكش ؟؟ شنوا إلي تبدل "
    - " ما تبدل شي ... أما أصحابي لكل يلعبو في الكورة في الأوليمبيك و أنا ما نحبش الكورة ... نحب الضرب "
    - " أبب ضرب مرة واحدة !!! باهي تو نشوف "
    - " يا بابا عندي هاذيكا اللبسة إلي جابتهالي خالتي و زيد في دار الشباب نعرفهم يترينو جمعة و سبت و أحد بعد لقراية "
    - " باهي باهي ... فكرني نهار لخميس نمشي نشوف و ربي يعمل دليل ..."
    و جاء يوم الجمعة ... و كنت أتبختر لابسا هدية خالتي (القماشة البيضاء) و الحزام الناصع البياض أمشي االهوينى في وسط المدينة أتباها بحلتي الجديدة ... و كان مدربي "عم محمد "، عرفته يومها بصوته و صداه المتكرر في أرجاء القاعة ... كانت كالمعبد أو بالأحرى كالمسجد : كل الناس حفاة ... كل الناس يلبسون الأبيض ... عندما يتحدث الممرن يسكت الجميع منسطين له ... حتى الصفوف منظمة و جميلة الاصطفاف كصفوف المصلين ... أحسست بسحر غريب ما إن لمسني المدرب و أخذني من يدي ليضعني في أحد الصفوف الخلفية لأن الصفوف الأولى حكرا على القدامى من المتدربين اللذين يحملون حزاما غامق اللون ... 
    و ما إن  إنتهت الحصة حتى وجدت أبي بإنتظاري في باب القاعة، رويت له كل ما حدث لي و كل الحركات اللتي تعلمتها، كذلك الأسماء الغريبة اللتي يطلقها المدرب على الحركات، و كذلك عده ب الطريقة الغريبة اللتي لم تدرسها لنا آنستي جميلة في المدرسة 
    - " ندرا كيفاش يعد المدرب يا بابا !!! "
    - " كيفاش ولدي ؟؟ "
    - " مانيش عارف ... أما بلغة ما نعرفهاش ... هذي هي الفرنسي إلي باش نقروها في السنة ثالثة  ؟؟؟ "
    - " لا ياولدي ... يحسبلكم بالجبونية تلقاه " ...
    لم أغب عن حصة واحدة لمدة سنتين تحصلت خلالها على الحزام الأخضر ( عندما كانت رياضة الكارتي تعلم بتؤدة ... تو في عام تلقاه يحضر في روحو باش يعدي الحزام البني )...... ... لم أحس لا بالكلل و لا الملل، و أصبحت عن حين غرة مبجلا في ساحة المدرسة، ما أن سمع "باندية" الحي و المدرسة أني أتدرب حتى تغيرت معاملتهم لي، دون أن أخوض أي عراك ... كنت صاحب  الكلمة الأخيرة في الساحه : كنت أختار الفريق اللذي أريد أن ألعب فيه، كنت أختار حارس المرمى ( و عادة كان أكثر شخص أكرهه في قسمي )، كانت جميلات القسم يتسابقن بينهن من اللتي ستقتسم معي لمجتها المتكونة من " كعبة ياغرت سليم أو زياد " و إن كانت من ميسورات الحال فستحضر معها بعض المرطبات أو الفريكاسي ...




    خايفة من بكرا ...  ويلي حيجرا لما تروح ... و تغيب سنة و تفوت هنا ... حبيب مجروح

    البداية الحقيقية كانت في أول تربص لي لتحصل على الحزام البني في صفاقس ... كنت أدرس في السنة السادسة إبتدائي، اصطحبني أبي إلى القاعة حيث تحدد وقت الانطلاق يوم السبت على الساعة التاسعة صباحا، توجهنا في حافلة الشركة الجهوية للنقل نحو صفاقس و كلي شوق لإكتشاف مدينة جديدة لم أعرفها في هذا العمر بعد،  اللذي بقي لي من هاته الرحلة لم يكن تحصلي على الحزام البني و كوني أصغر شخص يتحصل  عليه في رابطة الجنوب ... و لم يكن كذلك حجم المرح و المغامرة في ذلك العمر بالمبيت خارج المنزل في ذلك العمر، إنما الحدث المؤلم الذي عرفته تونس ذلك السبت ... كان الرابع من جانفي سنة 1996 ... كنت أحارب ربع دجاج في أحد المطاعم الشعبية في باب الديوان، سمعنا مذيعة الأخبار تقول أن " فولان الفولاني نقل إلى المستشفى في حالة حرجة " !!! لم يعر أحد الموضوع إهتماما كبيرا ... لكن ما إن سمعنا اسم "الهادي بالرخيصة" مرة أخرى حتى تركنا كل شيء كان بين أيدينا ( أي ..  حتى اللحم ) منتظرين ما ستقوله مذيعة الأخبار ... نعم لقد توفي ... لم نصدق و ظنناها إشاعة لكن تأكدنا من ذلك  قبل اجتياز الامتحان في قاعة المعهد الأعلى للرياضة بصفاقس عندما وقفنا دقيقة صمت ترحما على روحه ... و أتذكر جيدا كيف سألني أبي عندما وصلت للمنزل " أي شنوا عملت ... جبت السانتير مارون ؟؟ " فأجبته بدون تردد " شفت بالرخيصة مات !!! " فانخرط في ضحك هستيري لم ينته إلا بعد برهة ...

    تحصلت على الحزام الأسود درجة أولى ( الدان الأول ) و أنا في السادسة عشر من عمري و إبتدء مشواري مع المشاركة في البطولات، و كان كل تحظير لبطولة مصحوب بغرز في حاجبي الأيسر إلى أن أصبحت تقدر ب 21 غرزة، و بالرغم  من أني من مستعملي يدي اليمنى لم أعرف إلى هذا اليوم سبب إصابة حاجبي الأيسر دوما ... و كان مدربي من من يعرفون بالوحشية في التدريب و كذلك في القتال لذلك حتى تدريباتنا كانت عنيفة ... من ذكرياتي أني ترشحت لنهائية بطولة تونس الشتوية سنة 2001 و أنا معافى دون إصابات بعد التصفيات في صفاقس :) ...  ( حيث أن كل رابطة تقوم بالتصفيات و يترشح واحد منها ليلتقي المرشحون في الأدوار النصف نهائية في تونس ) ... و أثناء التحضيرات في قاعتي الأم في مدنين كسرت إثنين من أصابع ساقي اليمنى و جنيت ثلاث غرز في حاجبي ( الأيسر طبعا ) ... فتعجب الحكام و منافسي عندما رأوني بعد أسبوعين من التصفيات في تونس : تركوني في  صحة و عافية و جئتهم مهشما ... و لحسن الحظ أني لم أخذل نفسي ( و لم أكن أبدا أسعى لإرضاء الغير ) و تحصلت على أول بطولة تونس في حياتي و أنا في هذه الحالة المزرية  ...

    مال و إشتكى القلب و بكى و غنى ... عالحنين الغربة موال




    تتالت البطولات و المشاركات و توج ذلك بانضمامي إلى المنتخب الوطني أصاغر ثم أواسط لمدة ثلاث سنوات تحت الإدارة الفنية ل" فوزي الباهي " .. و تتالت كذلك الجروح و الكسور : كسر في ضلع، تمزق للأربطة المتقاطعة و غرز ( في حاجبي الأيسر بالتأكيد ) و كلها شفيت و لم يبق إلا أثرها ... لكن الجروح  اللتي لا تندمل هي جروح إهانة الأخر لك : في أول تربص للمنتخب و أنا في عمر السابعة عشر،لم أشارك في أول حصة تدريب فقط لأنني لا أمتلك كيمونو خاص ب "الكاتا" (تجدون تعريفها هنا) و كيمونو خاص ب"الكوميتي"  (تجدون تعريفها هنا) ... كان لي كيمونو واحد للتمارين و البطولات ( ليس اللذي أحضرته لي خالتي لأني كبرت عليه و ليس هو اللذي أصبح صغيرا علي :) ) ... لم نتعود أن يكون لنا كيمونو خاص لكل إختصاص في قاعتنا الأم، و حتى إن تعودنا لم تكن لنا إمكانية  هذا البذخ و الترف، ففي المحيط اللذي ترعرعت فيه مجرد التدرب في قاعة و دفع أجر مقابل ذلك يعتبر ترفا إجتماعيا ...
    على كل حال ... و لكي لا أطيل الحكاية، و بعد الإصابات اللتي كنت أستمتع بإدخارها في جسدي، و بعد كل البطولات و الصداقات اللتي تحصلت عليها، صرح لي أبي بندمه أنه وافق أن يجعلني أنخرط في نادي الكاراتي ذات يوم ... كذلك مازلت أحظى بإحترام "باندية" الحي و مدنين ... أيضا منذ أن غادرت المدرسة الابتدائية لم تعد هناك فتيات يردن اقتسام لمجتهن معي !!! عندما خيرت بين متابعة مشواري في هذه الرياضة و الاحتراف أو مواصلة دراستي إخترت مواصلة الدراسة و أصبحت " باش مهندس أد  ... الدنيا "لكن أيضا رياضي متحصل على الحزام الأسود  درجة ثانية في الكاراتي 



    و مازلت أعاني من زرقة أصابع ساقي المكسورة كل شتاء، ألما في صدري عندما أكح  جراء الضلع المكسور و خاصة ركبتي التي  أصيبت من جديد أثناء مباراة مع أبناء الحي ... لكن لم أكن أنا من إختار حارس المرمى هذه المرة :)

     إنتهى قدح القهوة مع إنتهاء اغنية وردة ... جمعت ذكرياتي المتناثرة، حملت نفسي من فوق الكرسي، تركت ثمن ما شربت مع بعض البقشيش للنادل و أخذت هاتفي في يدي :

    " الو ... أمين ... ثمة تكويرة ؟؟؟ "





    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    dimanche 16 décembre 2012

    "حَلَقَ .. يَحْلِقُ ... حِلَاقَةٌ" ... أو "ساعة تحت السّيشوار"

                           

    كانت مشكلتها منذ الأزل هي ألم أذنيها بعد أنت تنشف لها حلاقتها شعرها مستعملة جهاز تنشيف الشعر اللذي يشبه قبعة رائد الفضاء، لذلك حرصت هذه المرة أن توصي الفتاة أن تغطي ظهر أذنيها بقطن كثير قبل أن تضعها على كرسي " رائد الفضاء " أو ما يسمى بجهاز تنشيف الشعر، كذلك لم تغفل عن طالب منشفة حول رقبتها ... تأكدت بعد أن أدخلت رأسها من أنها لا تتعرض لأي هواء خارجي ثم قامت بتشغيل المنشف و ضبطت عقارب ه على ساعة :

    "ساعة ؟؟ علاش ساعة كاملة ؟؟ موش برشا ؟؟"
     "ميسالش يا مادوموازال ... إنتي موش تحب المشطة تجيك حلوة ... لازم يشيح على قاعدة" 

    حكمت عليها مساعدة الحلاقة أن تلزم مكانها ساعة كاملة و أن تكون سجينة هذا الجهاز ... تذكرت كرهها للألات و مخترعيها و لسان حالها يقول :

     " علاش ما إخترعوش حاجة تنشف الشعر في وقت أسرع يا رسول الله ؟؟ لا جبت كتاب نقراه و لا ثمة مجلة نتصفحها ... ما بقالي كان أني نتفرج على إلي دايرين بيا و الداخل و الخارج حتى يتعدى الوقت "

    جلست أمامها سيدة شارفت تجاعيد وجهها على السبعين من العمر، تكاد عروقها تنفجر من ذراعيها و وجهها و هي بصدد لف شعرها بعد أن كوته بخيط مطاطي أصفر ( أو استيك فلوس مثلما تصورته ) ... قرطها و حقيبتها مثلها من الزمن الجميل القديم جدا ... تتحرك بصعوبة للخروج من كرسيها ... تتأمل مظهرها بسعادة مفرطة، تدفع حسابها دون أن تنسى بقشيش مساعدة الحلاقة اللتي ساعدتها على ارتداء معطفها و انصرفت 

    فتاة تجلس على الكرسي مبعدة شعرها من على كتفيها و عينيها، طالبة قص شعرها الطويل جدا إلى قصير جدا ... أردت أن تصيح فيها " يا بنتي ماهو لاباس ؟؟؟ حط ربي في بالك ... ثمة شكون تبقى خمسة سنين باش يوصل شعرها للطول هذا و إنت باش تستغنى عليه في لحظة ؟؟؟ " ... نظرت إلى الشعر المتهاوي من رأسها على الأرض بالتصوير البطيء و هي تتخيل موسيقى سمفونية هادئة تعزف في خلفية المشهد متأملة خصلات الشعر المتناثرة و كأنها لوحة سريالية ... كان من الممكن أن تضاف لها بعض الألوان و تصبح قطعة إبداعية 




    الفتيات اللاتي يشتغلن بعضهن يحظين بشعر مصفف و البعض الأخر لا ... ترى هل تسمح لهن صاحبة المحل بإستخدام المحل و أدواته مجانا .. و إن كان بمقابل، فهل يتمتعن بتخفيض ؟؟؟ و هل تودون ذلك في دفتر حسابات المحل ؟؟؟

    من كثرة المنادات على الفتيات العاملات حفظت أسمائهن : شيماء، نجوى، هدى، سناء و كوثر 
    تعجبها شيماء، معاملتها للزبونات تتسم بالحميمية الشديدة و تشعرهن باهميتهن ... تمطر كل سيدة أو أنسة بوابل من كلمات الإعجاب كأنهن أجمل نساء الدنيا ...
    نجوى عصبية جدا ... دائما ما رأتها مستفزة ... لو كانت مديرتها لطردتها بدون تردد ...
    هدى هي المسئولة عن غسل الشعر ... لا تشعر أنها تتعامل مع رأس إنسانة ...يغلب العنف على حركاتها ... بعض النساء يحضرن البلسم و الشامبو الخاص بهن معهن، الكمية اللتي تستعملها هدى منهن أكثر بكثير من الكمية اللتي تستعملها عندما تستعمل شامبو و بلسم المحل.

    سناء هي الأكثر شعبية ... ما إن تدلف إمرأة إلى داخل المحل حتى تسألها من على الباب " تحبي وحدة معينة تمشطلك ؟؟ "... معظم الإجابات تكون سناء، ليست بشوشة أو صاحبة وجه مبتسم لكنها سريعة و تعرف جيدا ما تفعله 
    كوثر مهمتها طلاء الأظافر، تركز معها كلما همت بطلاء أظافرها و تحضير يديها لذلك قبل البدء و خاصة عندما تقوم بالطلاء الفرنسي ... كانت لا تفلح أبدا في وضعه لنفسها ... ربما ستنجح هذه المرة 



    ما إن تصبح حريفة وفية للمحل، حتى ترتاح كل سيدة مع فتاة معينة ... البعض منهن يتصادقن و يتكلمن في أسرار البيت و الجيران و يمتد الكلام لكثير من النميمة ... توجه أنظارها نحو أصابعهن باحثة عن ختم الزواج، لتعرف حالة كل منهن الاجتماعية ... لاهدف  لما يدور في بالها سوى  قتل الوقت ...
    تنظر إلى ساعة المحل الحائطية الكبيرة و  أنه لم تمر سوى نصف ساعة و هي لم  تطق صبرا بالحرارة 
     " عندكم أسبيرين ؟؟ "
     " لا والله  لا عندنا "
    تصمت قليلا محدثة نفسها :
    " و يجيبو أسبيرين علاش ؟؟ ماهو إنتم ما محيركم شي ... أنا إلي نستاهل جاية نعذب في روحي تحت الماكينة هذي " ...

    يقطع حبل أفكارها حديث جانبي 

     " هو غدوة قداش في الشهر العربي ؟؟ محرم دخل ؟؟؟ "
     " والله لاني عارفة يا مادام ... تي أنا اليوم في أيامات ربي مانيش عارفتو شنوا "
     " عندك الحق ... أما جيست الواحد ما يحبش ينسى عاشوراء ... "
     " اااه ... إنتي شاغلك إلي باش إطيبو في عاشوراء ؟؟ أي و إطيبي فيه وحدك ولا ادبر في راسك من عند أمك و حماتك ؟؟ " 
     " لا مانيش نسأل على هذا ... لكن على الصيام "
     " صيام ؟؟ علاش ؟؟؟ و هو عاشوراء يصومو فيه علاش زادة ؟؟ " 
     " سنة على سيدنا النبي ( سلا الله عليه و سلم ) ..."
     " أه " فاغرة الفاه " مادامها سنة لازم نصوموها إمالة "

    تدخل فتاة جميلة المظهر بسيطة التقسيم و  تسأل عن أسعار و تفاصيل عروض ليلة الزفاف ... ما المدة الكافية للحجز قبل العرس ... هل العرض يتضمن المكياج و تصفيف الشعر ...
    كانت تحب ألوان ماناشفهم : مخطط بنفسجي و أزرق مرصوصة في خزانة  بطريقة تثير الريبة على حسب أحجامهم 
    أعلنت قبعة رائد الفضاء اللتي كانت ترتديها نهاية الوقت بإطلاق جرس تنبيه و توقفت عن العمل أخيرا ... أخرجت رأسها و تنفست الصعداء 




    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    dimanche 2 décembre 2012

    سان ميشال ... الثلج و الموعد - 2

    كنت قد بدأت كتابة هذا المقال منذ سنتين هنا ... و كان ناطقا باللسان العربي التونسي الدارج ... و ههنا تتمة ما كتبت، لكن بالعربية الفصحى 

    الإطار المكاني : باريس ( و بالتحديد في سان ميشال )
    الإطار الزماني : حوالي الخامسة مساءا  
                                     

    كان جالسا في ركن مقهى الانطلاقة ( أو " لو ديبار " بالفرنسية ) يرقب قهوته، كتابه و المارة اللذين لا تهدأ خطواتهم جيئة و ذهابا بين جسر سان ميشال و معهد السوربون و حديقة اللوكسومبرغ كان كالعادة مترددا : 
    هل يكمل ما تبقى من صفحات رواياته الشيقة اللتي يروي فيها كاتبها حكاية بعض القبائل في الجنوب التونسي و استبسالها في الدفاع عن مناطقها و حكايات الحب العذري اللذي يقطر بين السطور أم هل يتلذذ بدفء قهوته و هو يدقق النظر في كل فتاة جميلة تمر أمامه على عجلة في أمرها و الهواء الشتوي الخفيف يبعد خصلة شعرها المتدلية عن جبينها و أشعة الشمس اللتي بالكاد تظهر بين أقدام السحاب تلامس وجنتها الموتوردة من برودة الطقس ... أم هل ينتظر من جلس طويلا في إنتظارها في هذا المقهى في نفس الموعد و على نفس الكرسي و الطاولة في نفس الركن لعلها تأتي في صمت ... علها تأتي هذه المرة ؟؟

    تعددت الاحتمالات و أصبح محتارا، لكنه باغت نفسه و هو يرتشف من قدح قهوته و عيناه ترمقان أنسة باريسية المظهر، رشيقة الخطى، لم يؤثر فيها برد الشتاء  و لم يجعلها تمشي بخمول باحثة عن الدفء بين سخانات المقهي المنتشرة على ناصية الطريق ... كذلك ملابسها لم تتأثر بهبات النسيم الباردة و شذرات الثلج المتساقطة بين الفينة و الأخرى، بقيت متباهية بسيقانها الرفيعة من تحت تبانها و هي تخطو الهوينى 
    بحذائها ذي الكعب العالي ...



    " تي وينك ؟؟ عندك برشا ما جيتش  ؟؟ " ... هكذا قال له أحد جارسونات المقهى اللذين تعود أن يتجاذب معه أطراف الحديث بين الحين و الأخر 
    " والله ديما هنا ... أما جيست ما نبطاش و إنت وقتها يمكن ما تكونش هنا "
    ما إن إنتهت هذه الجمل القصيرة حتى عاد ببصره مسرعا كي لا يضيع من كانت عيناه تتأمل تفاصيل مرورها من أمامه ... لكن حسرته كانت كبيرة لأنه أضاعها في زحام المارة المنتظرين لاخضرار الضوء الأحمر في مفترق الطرقات اللذي كان قابعا حذوه ... كي يخفي حسرته و يلهي نفسه عن عدم ملاحظتها لنظراته انكب على كتابه يقلب صفحاته إلى أن تذكر وجوب أخذ رشفة أخرى من القهوة قبل أن يختفي بخار دفئها ...

    ما إن أنزل القدح من بين شفتيه حتى لمح خيالها قادما !!! فرك عينه بمفصل إبهامه القريب من معصمه مستغربا كأنه لا يصدق عينيه ... ينتظرها منذ أن رآها في آخر مرة ( شتاء 2010 ) في نفس المكان، محافظا على نفس القدر من القهوة في قدحه دون سكر ... مبتسما  لكل المارة عسى أن تكون هي متنكرة في ثوب أنسة أخرى لكي تراقبه في الخفاء ...

    دخلت المقهى و توجهت نحو طاولته ... خلعت معطفها بكل الحنان اللذي عرفها به، وضعته على كرسيه المجاور و جلست حذوه دون أن تنبس بحرف ... لم يجرؤ على لومها على طول غيابها، لم يستطع حتى أن يكلمها أو يبادلها التحية ... 
    نظر مباشرة لعينيها و قال : " استنيتك هنا كل يوم و ما جيتش  ... نسيتني ؟؟؟ " 
    لم تنبس بحرف ...
    " موش برشا هذا لكل ؟؟ "

    رفعت رأسها المطأطئ و قالت : ...

    - يتبع - 





    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    جميع الحقوق محفوظة

    جميع الحقوق محفوظة كافة المواد المنشورة في هذا الموقع محفوظة ومحمية بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية لا يجوز نسخ هذه المواد أو إعادة إنتاجها أو نشرها أو تعديلها أو اقتباسها لخلق عمل جديد أو إرسالها أو ترجمتها أو إذاعتها أو إتاحتها للجمهور بأي شكل دون الحصول على إذن كتابي مسبق Creative Commons License
    This work is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.

    مرحبا

    مرحباً أيها النازل للمرة الأولى .. هذا المنحدر.. مرحباً أيها الراكب ظهر الحرف.. نحو الحتف .. وبث الروح في نبض الحروف. إربط حزام الخوف..أنت في أهزوجة الجن.. بقايا من لحون.. لا تخف .. حصّن الروح ورتّل تعاويذ البقاء... وانطلق في عالم الموتى بقايا من فناء... لا تخف.. واشحن الآهات .. واعصر ما تبقى من دماغ... واكتب..وسجل

    قداش من مرة شافو المدونة

    زورو صفحتنا على الفيسبوك

    المشاركات الشائعة

    إلي يتبعو في حكاياتي