• الرئيسية
  • تطبيقة المدونة في ال google sotre
  • تطبيقات الرئيس في google store
  • vendredi 30 décembre 2011

    كيفاش نكتب في حكاياتي ؟؟؟ -2- : حكاية صحفة اللبلابي في "بال فيل"



    نتفكرو كان نهار جمعة، كملت الخدمة في البيرو و خرجت روحي في خشمي فادد و ما عيني نحكي مع حتى حد بعد جمعة معبية بالخدمة و بالعكس زادة ... الدنيا كانت باردة ( أوائل شهر جانفي ) أما موش البرد إلي مستانس عليه، الدنيا معبية بالثلج و البياض يغطي الأفق ( هكا وصف مصطفى لطفي المنفلوطي باريس في أول زيارة لها ) ... لبست البرطوطة متاعي ( البوني ) و غميت على روحي بالكشكول، حطيت، حسب ما نتفكر، غناية " ما عندكش فكرة " متاع وردة في وذاني و خليت ساقيا يهزوني وين يحبو هوما، ما عينيش نخمم ولا نخدم مخي  على خاطر ديما "يجب اللذي يجب" ( عملا بمقولة محمود درويش في قصيدة مديح الظل العالي ) 

    " ما عندكش فكرة ... أنا إزاي في حبك ... بأضحي كتير "

    هبطت في الحفرة متاع الميترو و حطيت "الباس نافيجو" ( الإشتراك متاع النقل العمومي ) على الماكينة، عمل صوت البيب المعتاد و تعديت، نلقا روحي راكب في ميترو عدد 2 من غير ما نشعر و وقتها بركا عرفت روحي وين ماشي : في برد كيف هذا ما تنفع كان صحفة لبلابي في " بال فيل " ... رجعت فيا الروح شوية و بديت نبروڤرامي شنوا باش نزيدها الصحفة : بزايد تن، و صحن طرشي، و عظمتين و نقطر قطرات خل و كان نلقا عندو بريك ناكل كعبة و نعصر عليها بزايد قارص و بديت ندندن مع وردة ...

    " بحبك ... لوحدك ... من الدنيا ديا ... لأنك هوايا "

    خرجت مالميترو و طلعت مالحفرة بحذا قهوة " الفايوز "، عرضني سمير صاحبي ( كان في يوم من الأيام عرفي في مدنين، علمني صنعة الصياغة و الذهب و قعدت نخدم معاه حتى لين حرق هو لفرنسا و أنا بعدو بعام كملت قرايتي و خرجت زادا باش نكمل قرايتي ) قاعد في القهوة، سلمت عليه هو و الجماعة إلي قاعد معاهم، بعد السؤال على الصحة و الأجواء العامة قالي أقعد أشرب قهوة، حكيتلو حكاية صحفة اللبلابي و كيفاش أنو " اللبلابي هو الحل و ليس المشكل " ... شديت فيه الصحيح هو و صحابو باش نعملو لكل صحفات و أنو ما ينجمو يقاومو البرد هذا كان باللبلابي، أما البرد إلي لبرا فشلهم، تفاهمنا باش نتقابلو بعد ما ناكل و نكمل ...


    " أيوه أيوه أيوه ... أيوه يا أغلى الناس في عنيا... أيوه يا كل الناس أيوه "

    و أنا متعدي عرضتني الكابينة متاع التليفون العمومي، و في شوارع "بال فيل" كل زوز كابينات تلقاهم لاصقين مقابلين بعضهم ... توحشت الوالدة قلت خليني نكلمها نسمع صوتها و نسأل على أحوال العايلة بأرخص الأسوام ( على خاطر التكليم مالكابينة يتكلف أرخص مالبورتابل )، نحيت جواندواتي و حليت باب الكابينة و دخلت، سكرت الغناية إلي كانت تمشي في أوذاني، بديت نلوج في الريبيرتوار على نومرو أمي ( ماني حافظ حتى نومرو إلى يومنا هذا ) و حطيتالبطاقة البنكية في الماكينة، بديت نكومبوزي في نومروها لين شفت راجل شايب في الكابينة إلي مقابلتني : كان لابس مارساياز، الشعر لبيض خارج من حواشيها، ينفخ فالدخان من خشمو، شادد بإيد سماعة التلفون و متكي بلخرا على الماكينة و بين صوابعو سيجارو  قريب يطفى ...


    إلي جبدني ليه موش مظهرو، أما الدمعة الهابطة من عينو و ما بانت كان وقت لي تعكس عليها ذو الكراهب إلي متعدية ... قعدت نتفرج عليه مين غير ما يحس بيا و هو ما بطاش، حط السماعة في بلاصتها و دز باب الكابينة باش يخرج، أنا من غير ما نخمم جبده الكارطة متاعي و دزيت الباب و خرجت وراه، وقت لي وصلت بحذاه جبدت من جيبي كعبة موشوار و قتلو :
    - Tenez Monsieur ...
    - يعيشك ولدي يبارك فيك ...
    - تونسي عمي ؟؟ ( ما جاوبنيش ) ... كنت نستخايلك فرنساوي هاذكا علاش ...
    - يا ولدي لبلاد هذي قد ما تعيش فيها تبقى ديما غريب ... ( و نفر خشمو في كعبة الموشوار إلي هزها مني )
    - وين ماشي تو ؟؟ كان ما عندك ما تعمل كان تحب نشربو حاجة ( نسيت وقتها اللبلابي و موعدي مع سمير و كل شي ) !!!
    - أنا بطبيعتي ماشي ... 
    و قعد يشوفلي في نظرة عجيبة ما فهمت منها كان أنو يحبني نمشي معاه و ما نخليهش وحدو أما موش منجم يصرح بالشي هذا ... مشينا حتى لين وصلنا لبار متاع واحد تونسي، دوب ما قعدنا جاه كاس " باستيس " و قالي السارفور " شنوا تشرب ؟؟ " ياخي كيف العادة طلبت إكسبريس سيري ... دوب ما مشى الراجل تلفتلي الشايب و قالي :
    - عمك البشير عشت 13 سنة في مارساي، وليت حتى في الشراب ما انجم نشرب كان شرابهم ... إنت منين و شنوا تعمل هنا في فرنسا ؟؟
    - أنا كيفك تونسي، من مدنين، و نخدم مهندس هنا في باريس...
    - ربي يبارك و يزيد، أي و علاش ما بقيتش في تونس ؟؟؟ موش خيرلك !!!!
    - ما لقيتش غادي الشي إلي نعمل فيه هنا عم بشير، على كل حل ربي يخفف غربة كل مومن، و تبسمتلو باش يطمانلي، ... أما ما تقوليش علاش حزين عم بشير ؟؟
    - إيه يا ولدي ... إلي تعدى على الصلعة هذي، و نحا المارساياز، حتى واحد ما ينجم يتحملو ...
    - تي ربك يفرج الكرب ... إنت وسع بالك و أكاهو ...
    أنا جاتني قهوتي و هو ترشف من كاسو و قالي 
    - أكيد مستغرب كيفاش شيباني كيفي و دمعتو تهبط ... و نعرفك مستغرب زادة كيفاش واحد في "بال فيل" يستدعاك باش تشرب حاجة من غير ما يعرفك ( و بالحق ما يعملها حتى حد الفازة هذي و أنا ديجا مستغرب منها ) ... أما هاني باش نوسعلك خاطرك و نهنيك : كنت نكلم في خويا بنتو ولدت و جابت ولد سماتو بشير على إسمي، و زادت هبطت دمعة من عينو و سبقها بالموشوار، أنا يا سيدي جيت لفرنسا عام 80 ، و من عامتها ما روحتش ... 

    أنا جيت باش نحل فمي و نسألو و هو سبقني بالكلام :

    - من غير ما تسأل، نعرفك باش تقلي علاش ما روحتش، و وينهم أهلي، و كيفاش انجم نصبر هذا لكل و ما نشوفش بلادي و عايلتي ... !!!! خرجت مالبلاد عمري ثلاثين عام، كنت نخدم كونترولور في الكار في تونس العاصمة، كل صباح نخرج مالدار مع الخمسة متاع الصباح، نستعوذ  مالشيطان و نتوكل على ربي، نشد الكار متاعي، نعدي سويعات الخدمة و نروح نلقى أمي تستنى فيا هي و الحاج إلي إيديه الزوز تقصو وقت لي تفرقع عليهم لغم أيامات إلي يخدم في الفلاحة في البلاد، و وشوشلي " ماهو أصلنا من مجاز الباب "، يروحو خواتي الزوز، واحد حداد و لاخر شادد العطرية متاع الوالد، تلمنا الطبلية متاع الماكلة و براد التاي بعد ما نكملو ... حياة عادية كيف أي عيلة بسيطة في تونس العاصمة ...
    - أي حتى لهنا حلو عم بشير، شنوا إلي صار باش يخليك "تهج" ؟؟
    - يا ولدي شبيك ما تصبرش، تي أنا مإلي شفتك تحرك في السكر متاع القهوة عرفتك تموت على التفاصيل، عمري ما ريت واحد يبقى يتفرج على طابع السكر كيفاش يذوب في الفنجان كيفك، هذاكا علاش هاني نعطي فيك فالتفاصيل، أي ماهو حب ربي أنو الإدارة تبدلني و تحطني نخدم على خط سبيطار النسا " عزيزة عثمانة "، تعرفو ؟؟ (ياخي أنا هزيت براسي)، ثمة وحدة كل يوم تركب في الكار : تلبس في سفساري، يبانو خصلات شعر مستحمرة فوق جبينها، ديما تطلع من أول محطة، تقلي " صباحك بالخير "، تخلصني و تشد البلاصة  إلي بحذايا لين توصل السبيطار تهبط ... أنا كنت نستخايلها تخدم فرملية غادي على خاطر ديما ريحتها فايحة وقت لي تتعدى ... طالت المدة و أنا نشوف فيها كل يوم لين ربيت عليها الكبدة ... نهار كلمت سالم الشوفور متاع الكار قتلو راني باش نهبط في عزيزة عثمان عندي قضية  و فالرجوع يتعدالي، هي هبطت و أنا هبطت في جرتها، وقت لي وصلتها قلتلها


    "أختي، سامحني !!" هي تلفتت و قالت " شكون، بشير ؟؟؟ " !!! أنا بهتت كيفاش عرفت إسمي أما ما حبيتش نبقى ساكت، قلتلها " أي بشير، إنجمش نعرف إسمك، والله نيتي طيبة و نحب ندخل الديار من أبوابها " ... طبست راسها و قالتلي " وردة " ... أنا وقتها قلبي بدا ينڤز في بلاستو مالفرحة، الطفلة قالتلي إسمها و ديجا تعرف إسمي ... قلتلها " أي و وقتاش انجم نشوفك خارج أوقات الخدمة ؟؟ " .. هي هزت راسها متعجبة و قالت " أما خدمة ؟؟ " .. ياخي بنفس التعجب سألتها " موش تخدم في السبيطار ؟؟" ... إطرشقت بالضحك و قالتلي " إنت ماهو تشوف فيا كل يوم ماشية جاية تسخايلني نخدم هنا !! أنا ما نخدمش، بنت دار، أما عندي أمي راقدة هنا، حاشاك عندها المرض الخايب، كل يوم نجي نبقى بحذاها حتى للعشية نونسها " ... أنا وقتها تأسفت و هبطت راسي، لين سمعت سالم يزمرلي في المحطة، تفهمنا باش نتقابلو غدوة لعشية بعد ما تخرج هي و نكمل أنا الخدمة ...
    - أي حتى لهنا حلو عمي بشير .. وين المشكلة ؟؟
    - إنت باين عليك ما تحبش التفاصيل، والله لما نمشيلك للخر (أنا حشمت كيفاش نشد الصحيح و سكتت :( ) بقينا نتقابلو لمدة 8 شهور و عرفت أنها من عيلة متوسطة و أنو ما عندهاش إخوة و بوها يخدم في معمل " ستيل " متاع الحليب ... صرحتلها بنيتي بالزواج بيها و وافقت، أعلمت الوالدة و هي قالت للشيباني و تفهمنا على نهار باش نمشو نخطبو ( الشايب مشى شاف بوها و تفاهمو على دقائق الأمور على خاطر يحب يفرح بها قبل ما أمها ياخذ ربي أمانتو منها  ) ... أما، و لسوء الحظ، توفت أمها قبل ما نمشو لدارهم بنهارين، عزيتها و حاولت نواسيها ... بعد الأربعين مشى الشايب باش يشوف بوها و يزيد يحكي معاه على تأجيل الخطبة، ياخي قالو موش وقتو على خاطر هو ناوي يعرس و ما ينجمش يبقى وحدو في الدار ... وردة ماعادش نشوف فيها على خاطر ماعادش عندها سبلة باش تخرج، و وقتها ما ثماش تليفونات ... بعد شهر سمعت أنو بوها عرس ( باعتبار أني كل يوم نصقسي في حومتهم ) ... بعد ما عرس بوها تقابلت أنا و وردة بالصدفة و حكتلي على مرت بوها كيفاش تعامل فيها و أنها تخمم باش تهج، أنا قلتلها وسع بالك و حول تكسب ودها و عن قريب نعرسو و ترتاح منها ( و يا ريتني ما نصحتها ) ... بعد جمعة بالضبط جاني الوالد و قالي " وليدي شوف بنت حلال أخرى، راهو عمك عبد السلام ( بو وردة ) عطا بنتو لواحد في حالو و عندو شوية أملاك و طلع موش قد كلمتو " ... بابا كمل كلامو و أنا مشيت نجري لحومتها، نلقى بوها مروح مالخدمة، بديت نحكي معاه و نسأل فيه ياخي تقبح عليا ... كلمة مني كلمة منو جبدت البوسعادة متاعي و حكيتها فيه و هربت ( بعد ما سوادت الدنيا في وجهي ) ... بقيت متخبي نهارين مانيش عارف شنوا نعمل، خويا لكبير قالي نمشي نخبي وجهي عند عمي في فرنسا عام ولا زوز و هو تو ياخذلي كونجي "صان صولد" ( وقتها كانت فرنسا بلاش فيزا ) ... بعد ما جيت صدر عليا حكم ب 13 عام حبس، ما نجمتش نرجع فيهم للبلاد ... و زيد في فرنسا ما عملتش الأوراق، توفى الوالد عام 1990 و لحقتو الوالدة العام إلي بعدو و زيد وردة خذاها راجل أخر ما عاد عندي ما يربطني بتونس كان إخوتي، و زيد كان نخرج من فرنسا ما عادش إنجم نرجعلها ... هوما كل مرة هاهم يجو يطلو عليا و أنا نسمع في أخبارهم بالتليفون ...

    أنا قعدت مبهم، جيت نترشف في القهوة نلقاها كملت ... هز عم بشير عيونو فيا و قالي :
    - القهوة كملت، و الحكاية إلي جيت إنت على خاطرها كملت، عندي ما نعمل تو، كان تجي كل يوم الوقت هذا تلقاني هنا ... هيا في لامان ولدي ...
    جا باش يخلص حلفت عليه و خلصت القهوة و كاس الباستيس متاعو ... خرجت ندز في ساقيا و مخي ضايع، نلقى حفرة الميترو قدامي هبطت، عديت "باس النافيجو " في الماكينة و تعديت، بعد ما شديت بلاصة في الميترو جبدت السماعات و حطيتهم في أوذاني و حليت الغناية قالتلي وردة :

    "فوق الحب ...  بحبك حب ... لو قسموه على كل جراح الدنيا تطيب ... و إنت حأقولك مين في حياتي، ما إنت أحب سبب لحياتي "


    بي أس : بويسك ما كليتش اللبلابي إلي مشيت على خاطرو ل " بال فيل"،  كي روحت طيبت عجة، و سمير إلي وعدتو أني باش نرجعلو كلمتو باش نعتذر و حددت معاه موعد آخر من غدوا




    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    jeudi 22 décembre 2011

    حبيب" ... في أمان الله"



    كنت بدأت حكاياتي عن حبيب هنا 

    لم أكن هناك ... عندما خرج إسمي بين شفتيه سائلا عني، لم أكن هناك ... عندما إبتسم إبتسامته الأخيرة، لم أكن هناك ... عندما تحدث لمعز عن خصامي معه حول أي الفرق الرياضية أجدر بالبطولة الإسبانية، لم أكن هناك ... عندما نشب بينه و بين أفراد من الحي المجاور عراك، لم أكن هناك ... عندما إشترى سيارته الجديدة و اصطحب " سفيان " و " معز " إلى عشاء فاخر من المشاوي في " النفاتية " لم أكن هناك، كنت في الغربة أمني نفسي باللقاء القريب ... عندما مرضت أمه و سيارته معطبة و هاتفني كي أسعفهما، لم أكن هناك، كنت بعيدة عن مدنين أكثر من 200 كم ... عندما دشنت " قهوة المرشي " آلة القهوة الجديدة و شرب هو و الأصدقاء أول أقداح قهوة لها، لم أكن هناك ... عندما تزوج سفيان و بدأوا،هو و معز، حفل العرس بألعاب نارية تتحدث عليها حاضرة مدنين إلى يومنا هذا، لم أكن هناك ... عندما كسرت رجلي و أنا في الخامسة عشر من عمري كان يحملني فوق ظهره كي نتفرج على مقابلات " أولمبيك مدنين " في الملعب، و عندما كسرت يده، لم أكن هناك ...   

    سيطول خيط الذكريات إن حاولت أن أبتعد بتفكيري أكثر من هذا و كلما تذكرت شيئا زادت لوعتي و حرقة كبدي ... إنتقل إلى جوار ربه صديقي " حبيب " صبيحة أمس، الاربعاء 21 ديسمبر 2011 عن عمر يناهز الواحد و الثلاثين عاما و لا يسعني في هاته اللحظات إلا أن أتذكر قصيدة الدكتور الشاعر " غازي القصيبي " التي قال في سطورها : 

    وعنـدمـا..يموت واحدٌ من صحـبـنـا 
    يمـوت بعـض قـلـبـنـا 
    ثـم نعود بعد أن يجـفّ دمـعـنا 
    لـدربـنـا 
    للضّـجر اليـوميّ ..والرغـبة..والإعـيـاء 
    وفجـأة... 
    في دفـتر الهـاتف يطـفو اسـمـه أمـامـنا 
    ونلمح الرقـم على الصفـحة.. 
    مغـمورا بمـاضي حـبّـنا 
    وباليـد المرتـجـفة 
    نشـطـب رقم الهـاتف الصـامت.... 
    من دفترنا المسكون بالضـجّة والأحـياء 
    نودعـه ذاكرة الأشـياء 
    وفجـاة... 
    نذرف دمـعتـيـن 
    لأنّـنا ندفن من نحبّـه مرتين

    إن لله و إن إليه راجعون 


    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    samedi 10 décembre 2011

    الصداقة في زمن الخرا

    الأحداث واقعية أما أسماء الشخصيات غير صحيحة لاجتناب التأويلات 

    و أنا قاعد نقرا في كتاب " الحب في زمان الكوليرا " متاع جابريال جارسيا ماركيز للمرة الثالثة في حياتي، تليفوني فابرا بحذايا على الطاولة، موش من عوايدو يكلمني في الوقت هذا :
    - الو، أهلا زياد، إنت وين تو ؟؟
    - أهلا حبوب هاني فالدار، هذا وين روحت، لباس ماهو ؟
    - أي فاضي ولا لا ؟
    - كان حاجة تستاهل نفضالك، ياخي إنت وين ؟؟ ماكش فالخدمة ؟؟
    - خليت الصانع غادي، سفيان يستنى فيا في القهوة، تعدالو إنت و أنا عندي ما نقضي و نجيب معز و نجيكم 
    - يا ولدي لباس ماهو ؟؟ أش ثمة ؟؟
    - إنت جوست ما تخليش سفيان يستنى و تو نحكيلكوم 
    - ( صار حتى سفيان ما فيبالو بشي، باين عليها لحكاية فيها إن ) باهي مالا، جوست نبدل دبشي و نمشيلوو  ...

    طيشت لكتاب لداخل و هزيت مفتاح الكرهبة و خرجت ماشي للقهوة باش سفيان ما يستناش برشا ( سفيان صديق عرفتو وقت لي نقرا في الثانوي، ترينينا مع بعضنا و من وقتها ولينا أصحاب بالرغم من أنو أكبر مني، و تو يخدم طبيب ) ... أنا تعديت نلقاه ماشي فالثنية زفرلي، حبست و جا يجري ركب، بعد السلام قتلو : 
    - تحبش نعملو دورة ولا نمشو للقهوة ديراكت ؟؟
    - لا لا ... تعدى للراي أونو ( حومة في الحارة ) عمتي مبروكة باش ندقلها زريقة
    - باهي أما ما تبطاش، كان يجي حبيب للقهوة و ما يلقاناش تو كشاكشو تطلع، ماك تعرفو !!!
    - يا ولدي فيسع فيسع ...
    دوب ما وصلنا هبط يجري دق على الباب، و دخل من غير ما يستنى ( عمتي مبروكة مرا كنا نشرو من عندها فالبريك في رمضان وقت لي كنا صغار، عندها بنية و وليد تربي ربتهم وحدها، عرست للبنية و لوليد ولا يخدم في الحماية المدنية و حتى هو على أبواب عرس، و لكلو م البريك و الكسرة و تطريز السوريات العربي و الزرابي ) ... أقل من دقيقة نسمع فيها تنادي " يا زياااااد ... يا زياد وليدي " ... دخلت بالسيف على خاطر نعرفو سفيان قاللها بإلي أنا لبرا و منك باش نوخرجو من عندها فيسع. دوب ما دخلت قالتلي :
    - كهو !!! عملت لحية و طولت شوية تستخايل روحك كبرت على عمتك مبروكة ؟؟؟ طبس هات خشيم ( البوسة العميقة إلي ياخذوها لعزايز من الصغار )
    - شي يا عمتي والله، تي الجمعة إلي فاتت كنت هنا ( و أنا نطبس عليها باش نبوسها ) أما إنتي ظهر فيك كبرتي و وليتي تنسي 
    - اممممممممماااههه  
    - والله ما بقو فيك كان الشفايف صحاح :) :) آه، إيش عامل فيك السكر ؟؟ وإنها سمية تكلم فيك ولا لا ؟؟ موش قتلي المرا إلي فاتت هذا شهرها ؟؟
    - مادام سفيان ينقب فيا بالزرارق كل يوم مادام مانيش لباس، ماهوش حابب يبدلي الدوا، تي جارتي "غالية" طبيبها عاطيها حرابش و شادة الريقلة امورها واضحة ... ندرا طبيبها خير من سفيان ؟؟
    - لا ما تقول هالكلام ... سفيان ما كيفو حد راهو، ما تتفكرش وقت لي نجح فالباك قداش إنتي شطحتلو، و قتلو " كان تولي طبيب ما نداوي كان عندك إنت " ... إحملو، كيف ولدك راهو ...



    شاخت بالضحك و نشوف فيها بدات تهمز فيه ملوطا ياخي قام سفيان قال :
    - أي على الأقل أنا هاني وفيت بوعدي، و إنت فاش تعمل ؟؟ 
    وقتها عمتي مبروكة قعدت و صلحت الفولارة إلي على راسها و قالت :
    - لا رد بالك، زياد ما عملي السكر كان هو، وين يروح من فرانسا يجيبلي شكرا شوكلاتة و حلوة و فستق ... تي حتى التاي لخضر يجيبلي فيه 
    اطرشقنا بالضحك، سفيان مشى طيش الزريقة في الزبلة و جاني 
    - هيا قوم موش قلت مزروبين ولا حلالك الميعاد ؟؟ 
    بقينا عمتي مبروكة على خير و مشينا للقهوة، نلقو معز غادي سألو سفيان :
    - وينو حبيب ؟؟
    - وقت لي جينا ما لقيناكمش حطني باش نستناكم و نشدكم باش ما تمشوش، و هو مشا باش يهني على الصانع و يسكر الحانوت و يجي  
    - أي و هو شبيه ملمدنا لكل عن حين غرة ؟؟
    - والله لا نعرف حتى أنا ما حب يحكيلي شي، قعد يحكيلي على الجماعة إلي ضربوهم في راس الجدير و حرقو العلم  و كيفاش في لخر سكرو الحدود ... تي وينو زياد ؟؟
    أنا شادد ثلاثة قهاوي و جاي نفارع فيهم :
    - ماهو كان ما نجيبلكمش قهاوي إنتم ما تتحركوش، على الصل شدو علي !!!
    أحنا مازلنا نحركو في السكر و حبيب وقف لبرا و بدا يزمرلنا ... أنا الواقع قلتلهم ماني نايض كان ما نشرب القهوة، عالأقل نعملو حاجة تستاهل، ولا نعدوه نهار كامل جري ؟؟ مشا سفيان قعد في البلاصة  لولة ( ساقيه طوال ) في كرهبة حبيب و أنا سكرت كارهبتي و خلتها بحذا القهوة و توكلنا ...
    - وين ماشيين يا ولدي ؟؟ سألت حبيب 
    - هنا ماشيين لدار معز ... ما ثمة حتى حد غادي ماهو معز ؟؟
    - يا ولدي الدار دارك، مرحبا بيكم، أما كان قلتلي بإلي ماشيين غادي راني نظفتها، تي تقول عليها كوري 
    وصلنا فيسع على خاطر الدار موش بعيدة، معز مشا حل الباب و قاللنا زوزو، حبيب حل المال متاع الكرهبة و هبط قفة  الله أعلم على محتواها ... معز يخدم أستاذ، بوه و أمو توفو في حادث في الحج عندهم قرابة 4 سنين و من وقتها و هو عايش وحدو في الفوضى متاعو، كان حنت عليه عمتو ولا خالتو نظفولو الدار كان بها، سي نون حتى وقت لي حب يجيب مرا تنظفلو، ما لقى حتى واحدة و السبلة ديما هي هي : "راجل عازب، ما نمشيلوش وحدي " بالرغم من ما عرف به من دماثة الأخلاق  ( قداش تعجبني الجملة هذي ). لمدت الكواغت المطيشة و سفيان جاب جراري و فرشهم لوطا و حطينا قناة " روسيا اليوم " نشوفو شنوا ثمة جديد فالدنيا ( باعتبار أننا لكلنا من معارضي الجزيرة و ما تبعها من صحافة الخرا ) ... 
    سفيان مالناس إلي ما تحبش الأخبار برشا ( م إلي تفرج على إلي صار في غزة عام 2009 كره السياسة، قال ما فيها كان الكبي )، أما لقانا نحنا وين نقعدو ما ناحكو كان على سوريا ولا ليبيا ولا حلف شمال الأطلسي إلخ إلخ ... ولا و إتلز باش يتبع شوي، شعل سيجارو و بدا ينقش في ظوافرو مالسواد متاع الجريس إلي فيها على خاطرو يخدم ميكانيسيان و يحكيلي :
    - توا يا زياد حبيب جايبنا نجرو، سيبنا إلي ورانا و قدامنا باش تحطلي لخبار ؟؟؟ موش لوجيك راهو !!!
    - أش باش نعملولو، ماك تعرفو، ما يضويش، و زيد باين عليه موش في جوو بلكل ... ربي يقدر الخير ...  و إنت كان موش عاجبتك لاخبار، نوض تقعد، برا مع حبيب هوينا فالكوجينة
    - أييييه ... أنا إلي جبتها لعمري، أش لزني نحكي معاك !!!
    و شعل سيجارو و طيش علي الباكو الفارغ يشري فالشبوك لين جا معز و قال 
    - فرش اللحاف يا سفيان، الحبيب طلع جابلنا كسكسي طيبتو أمو و ما قاللناش !!!
    - أبب !!! كسكسي يا بو قلب ... و ما يقولش !!! أي وين حاطو اللحاف ؟؟
    جا حبيب و جاب معاه اللحاف و هازز القصعة، و قالي :
    - هذاكا يسمع الماكلة  يهبط عليه البخل؛ جيب القفة و جيب معاك كيسان و مغارف ...


    بعد ما كلينا و عبيناها دزينا القصعة، حبيب شعل سيجارو و إتكا لتالي، كيفو كيف سفيان، معز بدا يلم في الطاولة ما نجمش يصبر، أنا شديت تليفوني و بديت نفلفس ... حبيب جبد القفة قربها عندو، جبد منها زوز دبابز " فيو ماجون " و حطهم قدامو، في بالي بيه عندو برشا مإلي بطل الشراب، كيف كيف الجماعة ماشي في بالهم هكاكة، قعدنا مستغربين لين قاللنا :

    - هيا واحد فيكم ييسترجل و يمشي يحطلنا الكمية في أصحان ... ولا أنا نجيب و أنا نحط ؟؟؟
    معز مازال وقف كيف رجع مالكوجينة كان يوصل في القصعة قالو " تو نريقلهم "، أنا ما تاقنيش الصبر نطقت :
    - أي تو حبوب هذا لكل علاش ؟؟ غدا كسكسي و لحم، و شراب و أجواء، موش في بالي بيك بطلتو ؟؟
    - يا ولدي فك عليك، يكذب عليك إلي يقولك بطلت الشراب، جيست عملت بوز ...
    - باهي يا سيدي فرضا بوز ... شنوا لازمة اللمة الفجئية هذي ؟؟
    - خلي يجي معز و نقولك ...
    جا معز و شادد زوز صحون فيهم نزاص و تفاح صغير، و زوز صحون فيهم فستق و اكاجو و بندق، هو قعد و حبيب جبد دوسي مالقفة عطاه لسفيان قالو :
    - موش إنت الطبيب متاع الشلة، قولي الدوسي هذا شنوا فيه !!!
    سفيان مستغرب شد الدوسي و بدا يورق، هو جبد تصويرة الأشعة و حبيب ترشق الدبوزة لولة و بدا يعمل في تورني للجماعة، وصلني أنا تبسم و تعدى ( حكاية طويلة سيتم التطرق ليها في تدوينة أخرى ) ... حظ راسو سفيان من بين لوراق و قال لحبيب :
    - الشخص هذا تعرفو ؟؟
    - أي مالا منين جبتو أنا الدوسي ؟؟
    - أي هذا حسب التحاليل و التصاور ماعادش يطول، كان طارت 6 شهور ولا عام و يتوكل ...
    سفيان كمل جملتو و حبيب قال لمعز " تي هات الكاس و إنت تكبش كيف المحمصة " ... أنا ما نجمتش نصبر، قلت لسفيان 
    - لباس ماهو ؟؟؟ أش عندو مولى الدوسي ؟؟
    - عندو كونسار بروستات، و في مرحلة أخيرة زادة ...
    - اللهم عافينا، ربي يصبرو والله، و تلفتت لحبيب، أي ما قلتلك متاع شكون الدوسي ؟؟
    حبيب يبلع إلي في الكاس لكل في مرة واحدة و يحط الكاس، يتلفتلي و ديما على وجهو تبسيمتو إلي تقهرني متاع برود الدم، و يقولي " متاعي أنا " .... معز يعبي إيدو من صحن الأكاجو و يتربع :
    - فك عليك يا ولدي، انشالله في راس عدوك، تو هذا فل تفاول بيه على روحك ... نعرفك بليد و ماكش راجل، أما هذي فذلكة ماسطة  راهو 
    وقت لي شافنا حبيب لكل مستغربين و ماناش مصدقين إستوى روحو بعد ما زاد بلع كاس أخر و قال :
    - والله التصاور و التحاليل متاعي يا جماعة، خرجو الجمعة إلي فاتت ... أما ما قلت لحد، بدت لحكاية بحرقة في البولة طفيتها، ماهو في بالك بيها سفيان حكيتلك عليها ( و سفيان يهز في راسو و يحط بالإيجاب )،  وقت لي تقوت علي مشيت للطبيب قالي حجرة في الكلاوي، شربت الماء صافية و تحسنت شوية وقتها، شهر لتالي خرجلي شوية دم في البولة، تشغله هزيت روحي و مشيت لطبيب آخر، بعد التحاليل و التصور و كل شي قالي الكلام إلي قالهولي سفيان ...


    أنا اتكيت لتالي و حطيت راسي بين إيديا، معز صب كاس و بدا يشرب، سفيان عاود حل الملف و بدا يقرا فيه من أول و جديد و حبيب شعل سيجارو، معز طيش الكاس و بدا يعيط :
    - علاش سي الخرى ما قلتلناش من لول ؟؟؟ رانا شفنا حل !! رانا مشينا لطبيب آخر، رانا عاودنا التحاليل ... ولا زعيم كان في الشرب و الدخان ؟؟
    سفيان يسكت معز و يتلفت لحبيب :
    - أي و داركم قلتلهم ؟؟ كيفاش باش تعمل معاهم ؟؟
    - والله لا عرفت كيفاش باش نقوللهم ... و هذاكا علاش لمدتكم ليوم باش تعاونوني 
    - ما عندكش برشا حلول، لازمك تصلي على النبي، تجبد بوك تحكيلو على خاطر نعرفو راجل إيمانو قوي بربي ، و هو تو ينصحك كيفاش تتعامل مع الوضع 
    معز يغلي وحدو و يترشق يعيط و دمعتو سابقتو :
    - أسمع أنا بابا و أمي ماتو، تزيد تمشي إنت والله لا يبقالي حد فالدنيا ... قلت الرجولية متاعك لا !!!
    حبيب دمعتو تهبط، و يعنق معز يسكت فيه ... أنا ما لقيت ما نعمل كان نبقى ساكت، شديت حبيب و معز و عنقتهم، سفيان ما يحبش اللحظات الحميمية برشا قعد يتفرج من بعيد ... بعد ما الناس لكل بردت شوية و دبابز الشراب كملو، ركبتهم في الكرهبة ( ب اعتبار أني الواحد الصاحي ) و مشينا كملنا السهرية في بوغرارة ( أقرب شاطئ للمدينة ) ... بعد سهرية لكلها شجون و ذكريات، بكو فيها الناس لكل و ضحكو فيها الناس لكل، اتفقنا أنو وقت لي يروح حبيب يحكي مع بوه و هو تو يوجهو كيفاش يتعامل مع الحكاية 



    الحكاية هذي حبيت نهديها لصاحبي إلي تو راقد في فرشو عندو ثلاثة أيام بعد ما استفحل بيه المرض و نطلب مإلي يقروها يدعولو بالشفا ... شفاك الله يا صديقي 


    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    mercredi 9 novembre 2011

    هذَاكا علاَش نكْره العِيد و العِرْس - 2




    الساعة عيدكم مبروك الناس لكل ... إنشاء الله تكونو عبيتوها بالمشوي و شربتو برشا تاي أخضر ( على خاطر من الموروث التقليدي أنو التاي لخضر ينحي البشمة، يشربوه للشاة "حاشاكم " وقت لي تتبشم ) ... باش نكمللكم البقية متاع لحكاية إلي كنت بديتها هنا، أما المرة هذي باش نحكي على جوجمة العيد لكبير و المشوي و الدوارة و العرك ( حاجة بديهية )

    العيد لكبير يختلف برشا  على العيد الصغير، أول حاجة و أهم حاجة في وقت الفيقان : في العيد الصغير الدار لكل تفيق مالستة و أنا نفيق مع التسعة، أما العيد هذا، مالستة الناس لكل لازم تكون في حالة تأهب قصوى، كل واحد عندو حاجة يعملها ... أمي تبدا تبخر في الدار و تكنس في الفيراندا إلي تعبت بالتراب متاع العجاج متاع البارح، أختي لكبيرة تبدا تحضر في الحشيش متاع العصبان، و الصغيرة تڤنڤن و تخمل في الدار ... أنا لازمني نمشي نخرج العلوش مالڤراج و نجيبو للدار، نهز الكرهبة نعبيلها ليسونس ( ملاحظة : إسونس ليبيا ليلة العيد البيدون بو 20 إيترة ب 19 دينار، نهار العيد ب 24 دينار  ) و نجيب الخبز من كوشة " الشلاخي " سخون ... بعد هذا الكل نركب بحذايا الوالد الموقر و نمشو نصلو صلاة العيد ( الشي الأكيد بعد ما نلبس كلاسط العيد الجديدة ) و هو مإلي فاق ما عمل شي كان يترشف في التاي الشرقي متاعو ( أحمر و خفييييف كيف الغسالة ) و يتكيف.

    صلينا و دعينا و عيدنا على الناس و قفلنا عائدين للمنزل، نلقى الجماعة لكل في الإنتظار، و باعتبار بابا موش من هواة عملية الذبح، و أمي لا تأتمني على علوش العيد، يجينا عمي العيادي ( صديق العائلة )، يذبح و يعيد علينا و يقفل عائدا من حيث أتى ... مهمة النفخان و السلخان نتكفل بيها أنا، بابا يعاون في الشدان ( بالرغم من أنو يعطل أكثر مإلي يعاون ) و أمي تعس على الجلد و تعارك كيفاش رجعتهولها كيف الكسكاس ( لكلو منقوب ).




    من عادات عائلتنا المضيقة هي أنو ما نشووش لحم النهار لول، كان المعلاق ( كبدة و قلب و ما تابعها )، و ما نقطعو كان النهار الثاني و وقتها " الشوا دوا " :) ... و باعتبار إختلاف الثقافات و الحضارات في دارنا، فإنو حتى ماكلتنا النهار لول مختلفة شوية : تعمللنا أمي ما يعرف ب "الملفوف"، و هو عبارة على كبدة مصموطة في الماء و الملح، مبعد نقصوها على شكل مكعبات و نلفوها في الرداء ( الشحم إلي يلف الدوارة ) و نشووها ( ديجى ريقتي سالت ) ... مبعد كلينا كمونية عملتها أختي، دوشت و بدلت دبشي ( و حافظت على نفس الكلاسط الجديدة ) ... شدينا الصف كيف العادة و عيدنا على بعضنا، عملت دورة في الحومة عيدت على كباراتها و أولاد الحومة و شدينا الرحال لدار عمي الكبير ( إلي حكيت عليه المرة إلي فاتت ) ...

    مإلي وصلنا نلقاه شادد تركينة وحدو و يتشمس، درت على اولادو لكل و نساهم كل واحد أربعة بوسات مع الديباجة متاع النفاق الاجتماعي المعتادة : كل عام و إنت حي بخير، انشالله من المعيدين، انشالله عيد الهنا، ربي يطوللنا في عمرك ... إلخ إلخ ... مشيت جبت جلد فرشتو بحذا عمي و قعدت، النسا مازالت تغسل في الدوارة ( أربعة كناين و ستة علالش و جدي ) و الرجال فيهم إلي يتفرج على الماريشال عمار في التلفزة، فيهم إلي محلق مع الصغار و يلعب، و فيهم إلي يشعلو في ديسكو متاع عجلة باش يشوطو الروس و الكرعين ( حتى أمي جابت متاعنا باش تشوطهم معاهم )

    قلت لعمي : " بابا علي ... شبيك حزين الضماير ؟؟ نعرفك تموت على المشوي و على الحركة متاع العيد !!! "
    تلفتلي كأنو يستنى في سؤالي : " يا حسرة وقت لي كان العيد عندو معنى ... تو ما عاد نطعم في شي !!! "
    أنا عارف لحكاية لكل أما متأكد أنو يستنى فيا باش نسألو : " علاش شنوا إلي تبدل ؟؟ "
    تلفتلي بلهفة و بدا صوتو يصدح : 

    يوم العيد 
    وين نحر النحور 
    صدام قدم للوطن روحه 
    كان كيف الأسد المجروح  
    يمشي و يضحك جروحه  
    الهم أنك تشوف جبل ينكاد 
    و إذا شفت الجبل مكيود
    تلقا العلة بسفوحه
    مثل النخل مات وقوف 
    شخص شامخة صروحه 

    كملت سمعتو حتى للخر ( باعتبار أنو ما يحبش شكون يقص عليه وقت لي يقول الشعر ) و قتلو : " كل من عليها فان ... ما يدوم كان وجه ربي راهو و ... "
    أنا مازلت ما كملتش كلامي لين نسمع في حس متاع تقنقين من بعيد و حضبة، نضحت مشيت، نلقى وحدة من نسا أولاد عمي موش عاجبها لحال كيفاش العكل لكل جاي عليها، و لخرا تقوللها
    - " يا بنتي صلي على النبي، تي لكلنا كيف كيف ... غير إنتي مازلت جديدة و ما ستانستش "
    - " تي أش نستانس ... هذا كرفي ... في دارنا ما كنت نلمس في شي، هنا نلقى إيدي فالبعر حتى لمرافقي ... !!!"
    تدخل الكنة لخرا ( من مبكري تاكل في بعضها و ساكتة ) :
    - " ماك عارفة روحك علاش قادمة، علاش تتشكا تو ؟؟ ولا كنت تتخيل روحك جاية الجنة ؟؟ "
    - " أي في بالي مانيش جاية للجنة، أما ما ڤالووليش بإلي راهي جهنم !!" 
    سمع ولد عمي مرتو تتشكا و تعيط جا يجري 
    - " هيا سكرتش فمك تو ... حتى نهار العيد تڤنڤن !!! إلى متى باش نبقى نعاني يا ربي ؟؟ "
    ينوض بابا علي ( عمي ) بعد ما حط كاس التاي و شد العكاز : 
    - " يا عن مذهب بوكم قايم و نايم ... قلت كفى يعني كفى ( تربية زيتونية و يحكي بالعربية الفصحى ) ... و إنت يا عادل ... نقص من حسك و إنتم يا بناويت، يزو بلا تمجليغ تراه، لكلكم بناتي و لكلكم خوات ... مازلت نشوف وحدة فيكم تعارك في لخرا نتفاهمو "





    هو هكاكا نشوف في الطاهر ولد عمي يحكي مع مرتو : 
    - " أي ماهو إمشي غدوة "
    - " لا أنا نحب نمشي لدار بويا أول عيد باك نلقى الجماعة لكل ملمومين، موش قتلي فالعيد الصغير بإلي فالعيد لكبير تهزني أول نهار ؟؟؟ "
    - " أي قتلك، أما هاك تشوف في نسا خواتي لكلهم غاطسين مع بعضهم، ما يجيش نهزك إنتي و يبقو هوما يغسلو و يطيبو، و زيد اللمة حلوة "
    - " وين حلوة !!! كان التنڤريز و الناس لكل تغزل ... أنا باش نمشي، مدامك قتلي مادام لازم نمشي " 
    - " ب الحرام لا هزيتك اليوم ... أش تحب خواتي يقولو عليا ؟؟ تسوڤ فيا مرتي ؟؟؟ "

    هو مازال يحكي ناضت مرت عمي تعيط : 

    - " يا ولادي راكم نسيتو الكبدة فوق المشوى ... راهي ولت فحمة "
    عمي وقتها تلفتلي و قالي 
    - " أسمع ولد خويا ... تمشيش تعرس ؟؟؟ راك والله ما تخسر كان إنت "
    سكت شوية و زاد قالي :
    - " أي حقا ... شكون انتخبت ؟؟؟ "




    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    dimanche 30 octobre 2011

    !! نڤُولِلكم سر



    بعد أن قضى أكثر من ثلاثين سنة في عمله كساعي في مكتب تابع لوزارة التربية، أحيل على التقاعد المبكر لطول خدمته و وصوله السن القانونية، لم ينس أن يوصي كل من يعرف و كل من ربطته به علاقة صداقة أو عمل أن يعلمه في حال شغور مكان يمكن أن يعمل به لعدم تحمله الجلوس في المنزل دون أن تشغل هواجسه مواقيت العمل أو التزاماته أو حتى دعوة زوجته عند الخروج لكسب رزقه ... حتى وجد تلك الوظيفة، عامل مصعد في مبنى يجمع عددا من المهندسين و المحامين و الأطباء مكون من ستة طوابق.

    لم يمر الأسبوعان الأولان على رأس وظيفته الجديدة إلا و إستطاع أن يحفظ إلى أي طابق يتجه كل من يعمل في المبنى و يميز الضيوف من الحرفاء من العاملين عند رؤيته لوجوههم.
    يصل كل صباح قبل الجميع عند السابعة، يتوجه إلى غرفة العملة ليبدل ملابسه و يصف أمام المصعد عند السابعة و النصف بزي العمل : فيستة ( سترة ) زرقاء ترنو نحو الرمادي، يوشح كتفها الأيمن و الجيب الأيسر أشرطة ذهبية، و أزرار بنفس اللون يغلب عليها الصدأ؛ حذائه بسيط جدا ذو لون أسود، تعتلي جلده شقوق متداخلة كدوائر، إن أمعنت النظر إليه لإستطعت تخمين عدد المرات اللتي صبع فيها ذلك الحذاء بين يدي الإسكافي ( الملاخ ).
    كانت أول الكلمات اللتي يسمعها القادمون لركوب الأسانسير  " إسلاااااامو عليكم "، و كلما فتحه لخروجهم يقول " مع ألف سلامة "، لا يعتريه الملل أبدا من إعادة و تكرار تلك الكلمات مئات، بل آلاف المرات في اليوم بالرغم من عدم إعارة الناس الاهتمام بها و عدم الاكتراث بسماعها، لكنها تبقى دائما بالنسبة له لغة حوار معهم، حيث أنه لم تسنح له الفرصة لمعرفة أسمائهم أو تجذب أطراف الحديث معهم، هو في مكانه ليقضي عمله فقط، لا يريد أن يترك إنطباعات أو يكون صداقات، يفضل أن " على روحو " طوال اليوم.

    ضغط أنامله على لوحة أرقام الطوابق يكاد لا يرى، يعتبر ذلك سرا و إتقانا لعمله، حتى أن بعض المرتادين على المبنى يتناقلون سرا أن لديه قدرات خارقة : يكفي أن يرمق رقم الطابق على اللوحة فينفذ المصعد الأمر في الحال.
    ما إن يبارح المصعد الطابق الأرضي أو يهبط من أي طابق آخر، تجده يصفر بعذوبة و يترنم بألحان هادئة مغمضا عينيه أو متأملا في السقف، تلك هي عادته و لم يتساءل أحد أبدا عنها، فهو بالنسبة للجميع حالة خاصة، إنسان غريب يطبع عليه الهدوء طابعه لكن لم يصدر منه قط ما قد يضايقهم أو ينفرهم منه.

    أثناء فترة الإستراحة يتجه إلى الساحه الخلفية من البنا ذي الست طوابق، يخرج غذائه من جيبه ملفوفا في ورق جرائد، وجبته اليومية تتكون من الكسرة اللتي تعدها له زوجته محشوة بالبيض و البطاطا المطهوة في الماء و الملح، بعض السويقة اللتي يخلطها بالماء و يشربها باردة، و بعض مما تجود به زوجته مما إستطاعت أن تجده متوفرا في صباحهما، يفتح القميلة و يكتشف نصيب يومه و يتمتم مبتسما " الله يكرمك و يخليك يا أم جميلة ".
    يتربع على الرصيف في ظل شجرة مداعبة قطته المشمشية اللتي تعودت وجوده في ذلك المكان معها، يمرر أصابعه تحت ذقنها فتموء برقة، يضحك ضحكة طفولية فيظهر ما تبقى من أسنانه بصفرتها الداكنة.

    في نفس المكان و الميعاد من كل يوم، بمجرد ظهوره في الباحة الخلفية، تخرج تلك القطة من مكان مجهول و تلتصق به، مع أنه لا يطعمها، فقط يدغدغها و يلعبها بعض الشيء، و عندما يهم بأكل ما حضرته أم جميلة، تجلس أمامه و تنظر إليه في سكون.
    يأكل الكسرة على عجل ثم يدخن سيجارتين متتاليتين لأنه لا يستطيع التدخين داخل المبنى، ثم يرمي بقرص من النعناع في فمه : لا يحب أن يحس أن أحد الراكبين داخل الأسانسير منزعج من رائحته، يغمض عينيه و يسند رأسه على جذع الشجرة واضعا يده الأخرى على ظهر القطة و يسدل عينيه و يغفو عشر دقائق بالتمام. 
    تعطل المصعد ذات يوم، و جيء بالفنيين لإصلاحه، وقف متأملا و محدقا في ما يفعلون مبررا لهم ذلك بقوله  " ماني قبل خدمت شوية تريسيتي ... هذاكا علاش نحب نتعلم " ... لم يعترضو، بل طلبو منه أن يشترك معهم. و ب الفعل عندما تعطل المصعد في المرة التالية لم يبلغ مديره، و ناجح في إصلاحه وحده، لم يعلمه إلا عندما إشتغل و كأن شيئا لم يكن، فسر له أنه تعلم من الفنيين في المرة الفارطة و أنه أصبح على دراية بآلية عمله. أخرس كلامه المدير و لم يستطع أن يوبخه بأن ما فعله ليس من مشمولات وظيفته و أنه بذلك كان من الممكن أن يعرض حياة بشر للخطر، لكنه إتصل بوقالت التصليح ليراجعو وراءه، و عندما تفحصوه أكدو أنه تم إصلاحه بالطريقة الصحيحة.

    السر اللذي لم يبح به لأحد أنه في الأصل يصاب ب الدوار من المصعد ( الأسانسير) و لم يساعده على تجاوز ذلك لا عاداته و ممارساته الغريبة اللتي كان يفتعلها ليشغل نفسه عن الدوار و لا وجوده اليومي فيه 



    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    mardi 25 octobre 2011

    منصور و فتحية خير من روميو و جولييت


                          

    عند كورنيش المدينه، يلمس " منصور " إصبع حبيبته "فتحية" اللتي إتخذت من ذراعها مرمري اللون " كشكولا " حول رقبته، كالعاشقين يطبقان نظرية " المحبين و البحر ثالثهما "، كان سجالهما هذه المرة مختلفا لأن بائعة الورد اللتي كانت تحنو على كل عشاق الكورنيش لم تعتد ان تسمع " فتحية " و هي تتحدث مع "منصور " عن شيخ ...

    فتحية ( و بانفعال ) : " عجبك تو يا منصور إلي صارلي من جرت الثورة هذي إلي إنت و أهلك إدافعو عليها ؟؟؟ هاني باش نقعد فالدار في وجه بابا و موش باش تلمسني بلكل !!!"
    منصور ( مذهولا ) : " كيفاش مانيش باش نلمسك بلكل و ما بيناتنا تو كان مليمترات ؟؟!! ... المهم تو لازمنا نلقو حل ... الكره بين عيلتي و عيلتك و العداوة قد مالهم و يزيدو، و بصراحة لازمني نتصرف، أنا راجل و سمعتي تهمني ... "
    فتحية ( متظاهرة بالبكاء ) : " معناها تو ولا ذنبي أنو أهلي من أزلام النظام البائد و إنت أهلك ما يتفرجو كان في الجزيرة و فرانس 24 ... قصت حبنا يا منصور مهددة و زيد الشيخ دخلو فيها  

    ( تقتحم بائعة الورد خلوة منصور و فتحية متبعة نظرية لكلنا عيلة واحدة )

    بياعة الورد : ( عينيها تكادان تخرجان من مكانهما ) : " يا وخيتي إرمي همك عندي و إشكيلي؛ راني كيف أختك لكبيرة، أناهم شيوخ ينجمو يفرقوكم ؟؟ تي راكم منصور و فتحية ... معناها الحب كلو ... "
    منصور ( بعصبية ) : " إنتي تو شنوا مدخلك فينا ؟؟ للمرة العشرة نقلك ما عيناش في النوار !! "
    فتحية ( بصوت باكي ) : " خليها ... هذي عشيرتي، عشرة كورنيش، أنت حبيبي عندك أكثر من 6 سنين و هي خيرها عليا ما يوفاش : هي إلي كانت تهدرز عليا قبل ما تجي إنت و أنا نستنا فيك و تحميني مالبلادة متاع زاجالو  و بينسة و سمير اللام  ..." 
    منصور ( مشككا ) : " أي و إنتي هاذم لكل منين عرفتي أساميهم ؟؟ "
    فتحية ( محاولة الخروج من المأزق ) : " بالله تو هذا وقت غيرة و شك ؟؟؟ "

    تلتفت فتحية إلى بياعة الورد موجهة كلامها إليها : 

    فتحية : " شوفي، الشيخ عمر سطوحي - رئيس لجنة الدعوة الإسلامية في الأزهر - قال أنو في تونس ولا في مصر لا يجوز جواز الرجل من بنات أحد أزلام النظام البائد ( التجمع ولا الحزب الوطني في مصر ) على خاطرهم ما كانوش أمناء على البلاد، باش تكون هي أمينة على دارك ؟؟؟ "
    البياعة : " تو إنتي ناقصة يا بنتي تزيدي تتحرمي من منصور بفتوى ؟؟؟ باهي يا سيدي اكذبي و قوللهم أنك مع الثورة و ماكش من أزلام النظام البائد ؟؟ "
    منصور : " يا بنتي حرام، الشيخ قال لا يجوز ..."
     البياعة ( بسخرية ) : " باللاهي سامحني أنا مخي على قدو ... أنا نعرف بوك يتحرم مالسياسة، يجي،  أما إنتي شنوا ذنبك تقتفي معاه ثمار الفساد متاعو ؟؟"
    منصور ( بحسم ) : " فتحية .. قررت نكمل المشوار معاك يا روحي " 
    فتحية ( بفرحة ) : " أنا كنت متأكدة أنك ماكش باش تتخلى عليا يا روحي ... والله فرحانة على قوة جهدي ... اليوم نهار زين "
    منصور ( بغضب ) : " يوم شنوا ؟؟؟؟ "
    بياعة الورد ( تحاول تهدي لحكاية ) : " صلي على النبي يا ولدي، راهي ما تقصدش ... أنت بعد ما تعرسو تو تطبعها بطبعك "
    تمر سيارة فخمة فارهة أمام منصور و فتحية 


    منصور (مندهشا ) : " هذا بوك الزلم ( مفرد أزلام ) متاع النظام البائد إلي فالكرهبة ؟؟؟ "
    فتحية ( بعفوية ) : " أيون يا روحي ... اليوم آخر نهار في التقدم للانتخابات ... الله لا يقطعلو عادة " 
    منصور ( صارخا ) : " إنتخابات ؟؟؟؟ "

    منصور يطيشلها إيدها إلي كان شادها و يركب أول كار تتعدى و يمشي وين معتصمين لاولاد صحابو ... بياعة الورد تحضن فتحية في مشهد ما يذكرني كان في أفلام فاتن حمامة، بعد ما بح صوتها و هي تنادي على منصور ....

    بياعة الورد : " ما يهمكش يا بنتي، غدوة تو يرجع، ما عندوش حد غيرك راهو "
    فتحية ( و هي تمسح في دموعها ) : " أي و أنا شنوا نقعد نعمل لين يجي هو ؟؟ "

    بياعة الورد : " تحب اناديلك زاجالو  و بينسة و سمير اللام ؟؟؟ "
    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    mardi 11 octobre 2011

    !!! إلي يفهمهم ... يجي يحاسبني






    تسمع رنين المنبه فتقفز من سريرها و على وجهها علامة الجزع و الفزع، تتأمل في عقارب الساعة مرارا و تكرارا خوفا من أن تكون متأخرة على عملها أو على عمل زوجها، تدفعه من كتفه قائلة : " هيا فيق نحظرلك الفطور " ... تطرق رأسها مفكرة و هي متوجها للمطبخ إن كانت كمية الخبز الموجودة ستكفيهم في وجبة الفطور، سؤال وجودي يطرح نفسه مع كل إشراقة شمس يوم جديد ... تتوجه نحو خزانتها كي تستعد للخروج، تفكر في الملابس اللتي ستلبسها، و تقلص من كون أن زوجها ناسي أن يحضر تنورتها الزرقاء من من عند " الغسيل بالشايح "، تفتح باب الخزانة القريب فتراها معلقة و يهدئ بالها قليلا ...
    ما إن تنهي تزيين عينيها ببعض الظل الأزرق المتناسق مع لباسها حتى تجد نفسها قد تأخرت و وجب عليها أن تأخذ تاكسي، ما إن نزلت للشارع، و قبل أن تشير للتاكسي بالوقوف، قلقت من فرضية أن لا يقف لها أي سائق أو يعترض لبعد المكان و ستتأخر عن عملها.


    عند وصولها، و قبل أن تهم بالنزول ، تتفقد كل حاجياتها : هاتفها الجوال، أوراقها، حقيبة يدها، في كل مرة تمتطي فيها هاته السيارة الصفراء تقلق من نسيان أي شيء من متعلقاتها فيها و تتخيل المعاناة اللتي ستعيشها كي تسترد الضائع، فتصرف كل وقتها متشبثة بمتعلقاتها كتعلق الرضيع بأمه ... 
    تدخل باب مقر عملها، تفرق الابتسامات و السلام ذات اليمين و ذات الشمال، تتساءل إن كانت إبتسامات زملائها الجميلة تحمل ودا حقيقيا تجاهها، و هل هي من جعلت زميلتها تلك حزينة و علامات الكدر جلية على وجهها ... يستمر عقلها في طرح كل هاته الأسئلة طيلة اليوم  . تنغمس بين أوراق دفاترها، و ما إن تعير ساعتها بإلتفاتة ،حتى تفاجئ أن الوقت قد مر في لمح البصر، لازال في عملها ما لم ينجز, بالرغم من أن الباقي ليس بكثير، لكنها تتردد : هل ستنجح في إنجازهم غدا قبل ميعاد تسليمها للمدير ... تقرر مغادره المكتب و رأسها مليء بالهواجس ...

    عيناها لا تفارق اللافتة الحملة لإسم المحطة و هي داخل عربة المترو منتظرة اسم المحطة اللتي ستنزل فيها، كلما توقف المترو، تنهض جزعة لتتأمل اسم المحطة و تتأكد من أنها ليست محطتها، يحلق بها خيالها لتفكر ماذا ستفعل للعودة إلى البيت إن فاتتها محطتها، يقطع تفكيرها جارها في المقعد مذكرا إياها " هنا وصلنا المحطة إلي قتلي عليها "، فقد طلبت منه تنبيهها في أول ركوبها.


    تمشي بتؤدة في الشارع متأبطة حقيبتها بقوة، قلقة من أي محاولة عابرة لسرقتها في الشارع، ترمق بعينين حذرتين كل من يصير حذوها و سحابة الشكوك لا تفارق رأسها. تزيد من سرعتها في طريقها إلى بيتها قلقة من يسبقها زوجها في الوصول إليه، تبحث في حقيبتها و في جيوب معطفها عن مفتاح شقتها فلا تجد له أثرا، ااه، لابد أنها نسيته في مكتبها أو نسيته في أحد حقائبها و هي تبدلها في الصباح ... تجده بين ثنايا بطاقاتها البنكية في حافظة نقودها، تدخل بسرعة المسابق للزمن فتجده لم يصل بعد، فتنفست الصعداء. 
    دلفت إلى المطبخ كي تحضر وجبات الغداء، تتفقد كل بضع دقائق الأكل على النار، قلقة أن يحترق أو تشوبه رائحة الحريق ... سمعت دقات الساعة الثماني اتية من غرفة المعيشة و هو لم يصل بعد، بداءت تقلق؛ تتصل به على هاتفه، لكن لا تجد إجابة من الطرف الأخر ... يزداد قلقها و تكثر هواجسها و يصيبها هوس برصد الاحتمالات ... يدق الباب، و يعتذر هو عن التأخير الخارج عن إرادته بشدة.  

    - هي : " الماكلة سخونة ؟؟؟ " ... هو : " لا باهية " 
    - هي : " تحب ملح ؟؟ " ... هو : " لا, باهي برشا ملحها "
    - هي : " نجيبلك ماء ؟؟ " ... هو : " لا لا .. بعد ما نكمل الماكله "

    يتكئان على الأريكة الكبيرة في منتصف غرفة المعيشة و تسأل نفسها " زاعما يحبني كيف ما نحبو ؟؟ " في قلق من أن يكون لهب مشاعره تجاهها قد انطفأ أو خف بالرغم من أنه لم يأمر على زواجهما سوى بضع شهور ... يأخذها تفكيرها و تساؤلاتها إلى هل ستنجب ؟؟؟ و إن كتب لها الله الإنجاب، هل سيكون أولادها في صحة جيدة ؟؟ هل ستكون أما صالحة ؟؟؟ هل سيعمر حبه لها كما هو الآن ؟؟؟ هل سيحب إمرأة أخرى ؟؟ ااااه ... ماذا لو اكتشفت أنه على علاقة بأخرى ؟؟؟؟


    تحاول جاهدا إغماض عينيها و النوم لكن هواجس اليوم كله تزاحم النوم إلى تفكيرها ... تتقلب في فراشها و تترك نفسها لليلة مليئة بالكوابيس. 
    ما إن يجيء الصباح و تلتقي بصديقتها المقربة حتى تحكي لها عن كوابيسها المتلاحقة، فتفسر لها صديقتها قائلة : " بصراحة إنتي معيشة روحك في ستراس و قلق مستمر " 


    تتأمل وجهها مليا عليها ملامح الاستنكار و الاستغراب شديدين و تجيبها " أنا ؟؟؟ أبدا " ...



    إقرأ المزيد.. مدون بلوجر

    جميع الحقوق محفوظة

    جميع الحقوق محفوظة كافة المواد المنشورة في هذا الموقع محفوظة ومحمية بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية لا يجوز نسخ هذه المواد أو إعادة إنتاجها أو نشرها أو تعديلها أو اقتباسها لخلق عمل جديد أو إرسالها أو ترجمتها أو إذاعتها أو إتاحتها للجمهور بأي شكل دون الحصول على إذن كتابي مسبق Creative Commons License
    This work is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.

    مرحبا

    مرحباً أيها النازل للمرة الأولى .. هذا المنحدر.. مرحباً أيها الراكب ظهر الحرف.. نحو الحتف .. وبث الروح في نبض الحروف. إربط حزام الخوف..أنت في أهزوجة الجن.. بقايا من لحون.. لا تخف .. حصّن الروح ورتّل تعاويذ البقاء... وانطلق في عالم الموتى بقايا من فناء... لا تخف.. واشحن الآهات .. واعصر ما تبقى من دماغ... واكتب..وسجل

    قداش من مرة شافو المدونة

    زورو صفحتنا على الفيسبوك

    المشاركات الشائعة

    إلي يتبعو في حكاياتي