
سَأسْألُ سُؤالاً بَرِيئاً مِثلي !
هَل تَعتَقِدُونَ أنَّ في حَياتِكُم ما يَسْتَحِقُّ أنْ تَجمَعُوا النَّاسَ في سياق نَصٍّ وَاحِدٍ لتُحَدِّثُونَهُم عَنه ؟؟
شخصيا، حَياتِي أتفَه مِمَّا تَتَخَيَّلُون ، وليسَ فِيهَا ما يَصْلُحُ للقََصِّ ... و خاصة إن كانت تلكَ القَصَصُ دُرُوساً ولكِنِّني إذ أتكلمُ فذلك لإشباع غريزة العربي في الثرثرة ... و حسب رأيي، العربي ليس إلا " زير كلام "، و العرب ليسو إلا ظاهرة صوتية إنتشرو بفعل إنتشار الأمواج الصوتية ...
ذو المجاز، عكاظ، دومة الجندل و مجنه كلها أسواق كان أجدادنا يتداولون فيها الكلام بالبيع أو الشراء ...و كان النابغة الذبياني رئيس غرفة التجارة الذي يفاضل بين بضعة حنجرة و أخرى ...
لكن الشيء المثير للضحك أنه حين أفنى الرجال عمرا في تذيع و تدبيج قصائدهم، قضى النابغة بأن أشعر العرب إمرأة !!!!
و نحن لا نعرف قس ابن ساعدة لأنه كان مخلصا لدين إبراهيم عليه السلام ... و لا لأنه هو أول من قال :"البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" ... بل لأنه كان خطيبا مفوها
و لا نعرف السليك بن السلكة و عروة ابن الورد و تأبط شرا و الشنفرى لأنهم كانو شعراء صعاليك ... بل لأنهم كانو شعراء فقط !!! فصحراء مترامية الرمال أكبر من أن يختصر صعاليكها أربعة ....
و لأن أجدادنا كانو أكثر العارفين بمعنى أن يمتلك العربي حنجرة رنانة و قادرة على " العياط "، كانت القبيلة تشعل النار ثلاثة أيام في مضاربها إذا بُشّرَت بشاعر ...
و ليس غربة أن يرتبط المتنبي في ذاكرتنا بأنه الشعر الذي قتله طول لسانه ... و في حين ننسى أن الحجاج صلب عبد الله بن الزبير و ذبح سعيدا بن جبير، نحفظ عن ظهر قلب خطبته الشهيرة حول قطاف الرؤوس ... !!
و في حين أسس الأمريكيون دولة على جماجم الهنود الحمر و جعلها إمبراطورية على جماجمنا، و أسس اليابانيون دولة على عصارة أدمغتهم ... مازلنا نتغنى بدولة الخطابة العربي الممتدة من حنجرة قس إبن ساعدة إلى حنجرة زياد إبن أبيه ....