• الرئيسية
  • تطبيقة المدونة في ال google sotre
  • تطبيقات الرئيس في google store
  • lundi 25 avril 2011

    !!! أنصحكم بعدم قراءة هذا المقال





    في بداية عهدي بالقراءة كنت أؤمن إيمانًا لا يتزعزع بأن أي حرف مكتوب هو شيء محترم جدير بالقراءة .. كل شيء يجب أن يُقرأ حتى النعي في الصحف ، والكتابة على طوابع البريد، وحتى إجابات التلاميذ في أوراق الكراريس التي نلف فيها القلوب .. أحيانًا تؤتي هذه العادة أكلها؛ كما حكى لي أحد أصدقائي الأطباء النابهين عندما لفّ له البائع الفطائر الساخنة في ورقة كتاب العلوم الطبيعية للقسم الثاني الثانوي .. وجد في هذه الورقة شرحًا مبسطًا بالعربية لعملية نسخ الحمض النووي وحركة الريبوزوم وتخليق البروتين ... إلخ . ولم يكن صاحبي من الطلبة المجتهدين أيام الكلية، لذا بدت له هذه المعلومات طازجة تمامًا وهدية من السماء، قرأها بعناية وهو يلتهم الفطائر الساخنة متأوهًا من حرارة الفطائر ومن نشوة المعرفة، وبفضلها وضع قدميه على بداية الطريق الصحيح، وراح يقرأ المراجع الكبرى والدوريات العالمية، حتى صار من أهم الملمّين بعلوم الهندسة الجزيئية والوراثة، وصرنا جميعًا نسأله عن أية ألغاز تقابلنا..

    لكن هذه ليست القاعدة .. القاعدة هي أنك تقابل الكثير جدًا من الكلام الفارغ .. وعلى المرء أن يتعلم متى يتغلب على تقديسه الخالد للكلمة المطبوعة ويتجاهل الهراء. هناك ناقد كُتُب أمريكي شهير سأله الناس عن سر سرعته في القراءة، فقال: "أنا أؤمن أن الكلام المهم يجب أن يُقرأ بأناة السلحفاة، بينما يجب أن تثب عيناك وثبًا فوق الكلام الفارغ .. الهراء يجب أن يُقرأ بسرعة البرق . ومما يدهشني أن أرى الناس يطالعون الصحف حرفًا حرفًا مضيعين في ذلك عدة ساعات؛ لأنهم لم يتعلموا عادة الوثب فوق الفقرات".


    و على هذا الأساس كتبت هاته السطور أملا مني في معالجة الظاهرة المستفحلة في مجتمعنا و المتفشية بين عامة الناس و خواصها


    لا تقرأ هذا المقال ..


    الأمر سهل .. في عصر الكمبيوتر لا يقتضي الأمر سوى أن تضغط على زر Home أو زر précédent أو تطفئ الجهاز بالكامل وينتهي الأمر ... أنا كاتب المقال وأؤكد لك أنك لن تجد علمًا ثمينًا أو منفعة عظيمة أو تتعلم شيئًا جديدًا.. لن تجد كلامًا يبكيك أو يجعل الشَّعر ينتصب على ظهر ساعدك من القشعريرة.. لن تجد ما يثير لديك ذكرى قديمة.. وبالتأكيد لن تجد ما يدفعك للتفكير ... توقف الآن.. ماذا تحاول أن تعرفه فوق ما عرفت؟


    يقولون إن الفضول قتل القط، ومن الواضح أنك قط فضولي كبير .. أنت تخشى أن تترك المقال فيكون فيه شيء مهم يعرفه الآخرون وتجهله أنت .. ربما دعابة قوية .. ربما سرّ عن أحد المسؤولين .. دعني أؤكد لك أن المقال لن يتضمن هذا على الإطلاق .. هي مجرد كلمات .. كلمات .. كلمات تجدها في كل مكان وعلى الجدران وعلى أبواب دورات المياه وفي ملفات الحكومة.. بالتأكيد ليست مقتطفات من كتاب سماوي ، ولم تقتطع من شِعر المتنبي أو شكسبير .. لا تحوي في سطورها نظرية أينشتاين .. بل هي أقل أهمية من فاتورة البقال .. فاتورة البقال لها أثر مهم وخطر، وهي قادرة على جعلك تطلق السباب أو ترتجف أو تصرخ أو تبكي .. لكن كلماتي لا تقدر على ذلك ..


    لقد كتبت خمسمائة كلمة وأنت مصرّ على القراءة .. هذا غريب فعلاً .. أنت إنسان غريب .. كلماتي ليست فاتنة ولا تتمايل مثل مارلين مونرو أو حتى شعبان عبد الرحيم ! إنها مفككة وسخيفة وخالية من الحرارة .. ما أسهل التوقف عن قراءة كلمات خالية من الحرارة .. هل قرأت هذا الجزء كذلك؟ أنت إنسان مستحيل فعلاً .. فقط ضغطة .. ضغطة على زر الفأرة أو ضغطة على زر الكمبيوتر أو ضغطة على جفنيك .. عندها سوف تنتصر .. تنتصر على الكلمات وعلى الضعف البشري ..


    لا أعرف ما كنت سأفعله لو كنت مكانك، لكنني من يختبر الآخر لذا أشعر أنني الأقوى والأقدر والأذكى .. أنت تعرف كيف كان أستاذك واسع العلم وهو يختبرك .. يبدو لي الأمر سهلاً ... مرة واحدة .. لم تبقَ إلا بضعة أسطر والفرصة توشك على الضياع من يدك .. عندما ينتهي هذا المقال لن تكون هناك أعذار، وعليك أن تعرف أنك فشلت في اختبارك الأول في تحاشي قراءة الكلام الفارغ .. بعد هذا سوف تقرأ المشاكل العاطفية والنعي في الصحف والإعلانات المبوبة والتهاني التي ينشرها المسئولون المنافقون من أجل مسئولين أكثر نفاقًا.. سوف تقرأ كل شيء حتى محاولات أخيك ذي السبعة أعوام الشعرية..


    لهذا لا يصير كل إنسان ناشرًا .. فقط الناشر هو من يملك القدرة على عدم قراءة باقي المقال.. صحيح أنه يضيع الكثير من الكنوز لكنه يرحم نفسه من هراء أكثر.. وعندما يكتشف فيما بعد أنه أضاع من بين يديه يوسف إدريس أو تشيكوف أو إيزاك أزيموف، فإنه يقنع نفسه بأنه "بناقص كاتب".. الفقرة الأخيرة والإنذار الأخير..


    لقد انتهيت فعلاً... هأنذا أضعت وقتك في قراءة كلام فارغ لا معنى له، وانهلت عليك باللوم، واتهمتك بالفضول وضعف الإرادة... ثم هأنذا قد انتهيت فماذا استفدت أنت؟؟!!



    6 commentaires:

    1. جعلت ابتسامة على شفتي وضحكة جراء هذا المقال .. هذا ما استفدت من مقالك

      :D

      RépondreSupprimer
    2. حمدا لله أنني لم أعدك بهذا منذ البداية و حذرتك من قراءة ما كتبت :)) ... الفايدة في اللمة و الجو ... أما على الأقل ستتعظ في قادم المرات من قراءة كل شيء :))

      RépondreSupprimer
    3. استفدت من عربيتك الرائعة هذا كل ما في الأمر

      :p

      RépondreSupprimer
    4. أي يزي ... فيه ألف خير و بركة ... أما هذا لا ينفي أنو العربية متاعك بريمافيرا لا تشوبها شائبة ... نشيخ وقت لي نقرالك بالعربية زاده ... دمت ذخرا لهذا الوطن

      RépondreSupprimer
    5. yaa ! 3aych 5ouya ça me fait plaisir :D

      RépondreSupprimer
    6. J'ai cessé de lire mais j'ai lu le plus dernier paragraphe en riant!

      RépondreSupprimer

    جميع الحقوق محفوظة

    جميع الحقوق محفوظة كافة المواد المنشورة في هذا الموقع محفوظة ومحمية بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية لا يجوز نسخ هذه المواد أو إعادة إنتاجها أو نشرها أو تعديلها أو اقتباسها لخلق عمل جديد أو إرسالها أو ترجمتها أو إذاعتها أو إتاحتها للجمهور بأي شكل دون الحصول على إذن كتابي مسبق Creative Commons License
    This work is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.

    مرحبا

    مرحباً أيها النازل للمرة الأولى .. هذا المنحدر.. مرحباً أيها الراكب ظهر الحرف.. نحو الحتف .. وبث الروح في نبض الحروف. إربط حزام الخوف..أنت في أهزوجة الجن.. بقايا من لحون.. لا تخف .. حصّن الروح ورتّل تعاويذ البقاء... وانطلق في عالم الموتى بقايا من فناء... لا تخف.. واشحن الآهات .. واعصر ما تبقى من دماغ... واكتب..وسجل

    قداش من مرة شافو المدونة

    زورو صفحتنا على الفيسبوك

    المشاركات الشائعة

    إلي يتبعو في حكاياتي